للشباب التونسي توهج في الإبداع أقوى من توهج الشمس إنه ينتقل من عصر الوصول إلى المعارف، إلى محاولة إدارة تلك المعارف.

كانت أول إنطلاقة من خلال حملة توعية لتنظيف المدن والقرى، ولاقت صدى كبير.. منهم من قرر تزيين الشوارع وطلاء الأرصفة فوجد النساء والرجال بجنبه.. إبداعات في تزيين الشوارع والطرقات رغم مطبّاتها، تغطت بألوان زاهية وكأنها فرشت بالزرابي كرمز للصناعات التقليدية.. الجدران وكأنها حدائق ورد..بدا الشباب في تقديم الخدمات، وأحدث صفحات للاقتراحات كيف نستطيع خدمة بلادنا وكثرت الأفكار وعمت روح المبادرة وكل واحد عنده فكرة، بل برنامج لتونس.. برامج تتقدم به البلاد.. أفكار عظيمة لاتطلب إمكانيات كبيرة، وقادرة أن تتحقق على أرض الواقع..أحس المواطن التونسي اليوم أن الفرصة أتيحت له فانتقل من عصر الوصول إلى المعارف، إلى محاولة إدارة تلك المعارف.لذلك أي ثروة باطنية، تأتي في مراتب متأخرة إذا لم يحس مواطنوها بقيمتهم وينفذون طموحهم في بلادهم.. وتتشابك أيديهم ليقفوا كلهم كرجل واحد لبلدهم..
نيجيريا من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول ولكنه يؤسف لحالها ووضعها، فيما سنغافورة الذي بكى رئيسها ذات يوم لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب.. اليوم يتقدم بلده على اليابان في مستوى دخل الفرد.
اليابان نفسها ليس لديها سوى القليل بل النادر من الموارد الطبيعية، ولكنها في قائمة أغنى الدول، حالها حال سويسرا.
في عصرنا الحالي يجب أن ننظر أكثر إلى مافوق الأرض (الشباب) على مافي باطنها.. ما الذي ستخرجه كي تعيش، إذا لم يكن لها عقل مبدع مبتكر و عليه فإن الإنسان بحد ذاته هو الإستثمار الناجح.
هل فكرت وأنت تشتري هاتف جوال أو أيفون كم يحتاج هذا الهاتف من الثروات الطبيعية؟ ستجده لا يكلف إلا القليل من الثروات الطبيعية، بعض جرامات بسيطة من الألمنيوم وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك ولكنك تشتريه بمئات الأورووات تتجاوز قيمته عشرات البراميل من النفط والغاز، والسبب أن ذلك البلد المصنع لهاتفك يحتوي على ثروة فكرية تقنية أنتجها أبنائها.
ماذا تملك اليابان وسويسرا وسنغافورة مقارنة مع دولنا العربية أو الإفريقية سوى النزر من الموارد الطبيعية..؟ هم لا يملكون سوى العقول، يبيعون الفكرة والإبداع.
هل تعلم أن أثرياء العالم ليسوا أصحاب ثروات طبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على هاتفك الجوال.

الخلاصة
إن العقل والفكرة والإبداع، هو رأس مال المجتمعات والدول، وصناعة المستقبل تعتمد على "الأفكار" أكثر من اعتمادها على ما تخرجه الأرض من موارد طبيعية، والإبداع هو السبيل لدعم التنمية والتقدم فى المجتمعات والدول، فرأس المال البشرى لا يقدر بثمن، والأفكار الخلاقة تؤدى إلى ربح المليارات، كما أن العقول تصنع المال والنجاحات، والتفوق العلمي يصنع من الأفكار الرائدة كيانات عملاقة تفوق ميزانياتها وأرباحها دول يسكنها الملايين.