لا أعلم ما هي حالتي بالضبط ، أشعر أنّ بداخلي هدوء غاضب ، أو ربما إكتئاب هادئ ، أحدهما يحاصرني الآن ، يشدّني بقوة ويُكبّل يديّ ، لا أقوى على فعل شيء ، ولا شيء قادر على فعل ما أريد ، لم أختر يوماً أن أكون انطوائية، لم أولد هكذا أبداً ، أتيتُ إلى دنيا بقلب كبير يفيض حباً للحياة ، لم أعرف قط في حياتي شعور الوسطية ، كنت أبالغ في حب الأشياء حولي ، الأشخاص ، الطرقات وجميع اللحظات التي عشتها ، أعطيتهم قلبي بالكامل ، منذ مدة طويلة لم أتحدث بالشكل الحقيقي بما أشعر به ويمُر بي ، كل شيء يعيش بداخلي أصبح من الصعب عليّ إخراجه ، أدركتُ كيف أتعامل مع هذا الكم الهائل من فوضى المشاعر والأفكار ، لم أرغب بتقاسم ضعفي مع أحد ، لم يفهمني أحد ، ما فائدة وجودي في محيط مزدحم وأشعر بالوحدة بينهم جميعاً ، أتعلم معنى أن تعيش في غربة الروح وتشعر بأنك في مكان لا يشبهك أبداً؟ وأنك موجود بجسدك ولا أحد يلتفت لداخلك؟! ، لم يسألني يوماً أحد بما تشعر ، حتى تفاصيل يومي لم تلقَ أهمية منهم ، كنت دائماً من يسأل ، من يهتم ، من يستمع للجميع ، تعبتُ من هذا الدور ، أُرهِقتُ بالكامل ، فاعتزلتهُم جميعاً ، لقد أصبحت روحي باردة جداً بعد كل هذي الخيبات ، لم يعد جسدي يتأثر بأي جرح جديد ، لقد مرّت بي ليالٍ كنت أقول لنفسي " غداً ستنتهي هذه الفترة الصعبة "، ثم أكتشف أنني تجاوزت فترات كثيرة من التعب دون أن أستريح ، كلما هربت من فخ أتعثر بفخ آخر ، ما عدتُ عرفتُ أي فترة كنت أقصدها وأقول عنها "ستنتهي" ، في النهاية لم تنتهي سوى طاقتي ..انطوائية أنا وظننتُ أنّ أحد ما سيُخرجني من عالمي ، لكن إنّ بعد الظن إثم

image